2008/07/09

صــــراع شــــــادي ..!



صراع شادي ..



(واد يا كرمبة عدي عليا وانت راجع علشان نلعب فى الشراءي واوعى تقول لأمي احسن تضربني) همس شادي فى أذن صديقه "فارس" - الذي ينادونه أصدقاءه بكرمبة – حتى لا تسمعه أمه .. كان أصحاب شادى ينادونه بـ"تختخ" لبدانة جسده الثقيل جدا والذي لم يتجاوز سنه العاشرة , لكنه كان صاحب شخصية محبوبة لدى كل من يعرفه وذا بشرة شقراء وخدود منفوخة كالبالون .

شادي طيب القلب لايمنع أحد عما فى يده ولا يرد سائل من أحد زملائه, وكان دائما متفوقا فى دراسته ورغم هذا كان متوددا لكل زملائه حتى من هم دون مستواه الفكري والعلمي. عاش في منزله مع أمه "سامية" واخته الجميلة "جنى" التى تكبره بعامين ووسط حيطان البيت وتحت سقف واحد ولم يرَ أبوه الذى مات قبل أن يولد.

سرعان ما تمر الايام .. كَبُر شادي وبلغ التاسعة عشر, ولكن كان منذ عامين قد تغيَر تغيُر مفاجئ ..

شادي صاحب الضحكة الرنانة المميزة والشخصية المرحة أصبح منطويا ومنعزلا عن الناس لا يتكلم الا القليل. بدأ شعره الاسود الداكن يشيب مبكراً. وجسده السمين أصبح نحيفا , كل هذه التغيرات كانت ملحوظة بشكل بارز جدا ..

وفي احد الايام سمعت أمه صوتا آت من خارج البيت فى ظلام الليل ودبدبة خطوات الأرجل التى تصعد على سلم المنزل بسرعة ولهفة وصوت ينادي (يا أبلة سامية .. يا أم شادي .. إلحقي .. افتحي بسرعة).

جرت "جنى" بسرعة الى باب البيت وهي تضع بيديها حجاب على رأسها .. فتحت الباب ..

(ايه .. فى ايه ؟؟) قالتها "جنى" وقلبها يخفق من شدة الخوف وتتبعها أمها وهى تضع يديها على فمها وتحملق بعينيها تنتظر إجابة المنادي على الباب ولا تستطيع ان تنطق بكلمة.

قال "فتحي" - المنادي احد زملاء شادي - وهو يتنهد ويستنشق انفاسه بصعوبة بالغة (إلحقي يا أبلة سامية .. شادي وقع فجأة وقعدنا نفوق فيه وكرمبة وزمايله خدوه فى عربية وطلعوا بيه على المستشفى).

..................................................... (يا دكتور .. ابنى ماله يا دكتور) سألت سامية الطبيب.

ظل شادي فى غيبوبة تامة لمدة يومين, وأخبر الطبيب عائلته بأن شادي يمر بصراع داخلي مع نفسه قد ينتهي هذا الصراع الى فقدان الذاكرة. نزل الخبر كالصاعقة على والدته وأخته وكِدن يُغشى عليهن من الموت من شدة الهلع والأسى ..

خرج شادي بعد إسبوع من المستشفى بصحة جيدة يمشي على رجليه, لكن الامر لم ينتهي بعد. كانت هذه النوبة تأتي شادي من الحين إلى الأخر ..


تكرر الامر أكثر من ثلاثة عشر مرة وفى كل مرة يحدث شئ غريب.

أثناء استرساله فى الكلام يسكت شادي فجأة ويصبح بلا شعور أو إحساس وتظهر عيناه كأنها مغلقة نصفها الأعلى وتنزل منها دموع منهمرة وكـأنها بئر متفجر بالماء .. دموع بلا صوت بكاء أو نحيب. وجسده لا يتحرك ولا يعرف احد أنه على قيد الحياة إلا بنبض قلبه المستمر ولسانه الذى يردد عبارات غير مفهومة ..

وفي النوبة الرابعة عشر وُضِع شادى على جهاز لاختبار ما يجري داخل المخ اثناء تلك الغيبوبة .. توصل الجهاز إلى أن شادي مصدوم من فعل غير راض عنه وأَخبَر طبيبُ شادي أمَّه بأنه لو ظل على تلك الحالة فلن يعيش شادي أكثر من شهور معدودة والعلم فى غيب الله .

(لو قدرنا نفهم الكلام اللى بيردده شادي اثناء الغيبوبة ممكن نوصل لحل) كذلك قال الطبيب لأحد مساعديه ..

استطاع الجهاز أن يكشف العبارات الغريبة التى كان يرددها شادي وهو فى غير وعيه بعد ان تم تركيبها بواسطة الطبيب المعالج.



كان شادي يردد :



ذنوبي غيرتنى .. صيرت جسدي السمين نحيفا .. غيرت قلبى الذى هنا

حتى ملامح وجهى كلما نظرت في المرآة سألت: مَن انت يا أنا ؟




ترى ماذا فعل شادي ؟؟؟




.




.




.


ليست هناك تعليقات: