2009/07/07

من كلام ابن القيم (12) ..!

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

.

قال الإمام ابن القيم رحمه الله:


إطلاق البصر ينقش فى القلب صورة المنظور, والقلب كعبة .. والمعبود لا يرضى بمزاحمة الأصنام ..


أنتهى كلام ابن القيم رحمه الله ..



العين باب القلب .. فإذا فتح باب القلب دخل كل شئ له ، جيدا كان أو رديئا .. فاجعل على العين حارس أمن مشدد لا يفتح إلا للخير ، فمتى فتح باب العين على مصراعيه ، دخلت كل الشوائب للقلب وازداد انتكاسه وكثرت آلامه .. وانظر إلى الخلاف الذى يدور بين العين والقلب .. فكلاهما يلوم الآخر :

قلبى يقول لطرفى: هجت لى سقما .. والعـــين تزعم أن القـلب أنكاها
والجــــسم يقسم أن العين كاذبة .. هى التى هيجت للقلب بلواها


ضرر اطلاق البصر جسيم جدا يوقع فى الكبائر وينجرف بصاحبه للهلاك .. فشهوة القلب للنظر لا تنقطع والعين لا تشبع من شهوة النظر ، على عكس الحال فى شهوة البطن .. فالبطن متى امتلأت بالأكل انتهت شهوتها .. أما العين فدائمة التطلع للمزيد من النظر ..

ومن كلام ابن القيم رحمه الله يتبين مدى خطورة عدم غض البصر .. فالنظرة الحرام تنطبع على القلب وتصبح منقوشة فيه بل محفورة .. حتى أنك أثناء السير فى الطريق تذكرت ذلك المشهد وكأنه أمام عينك ، لكن الله لا يرضى بأن يكون له شريك فى قلبك .. كما أن إطلاق البصر يورث فى نفسك الشعور بالندم دائما لأن العين طماعة تتمنى لو كان هناك المزيد من النظر ..


نتأمل هذه الأبيات :

كل الحوادث مبدأها من النظر
ومعظم النار من مستصغر الشرر

كم نظرة فعلت فى قلب صاحبها
كمبلغ السهم بين القوس والوتر

والعبد مادام ذا طرف يقلبه
فى أعين الغيد .. موقوف على الخطر

يسر مقلته ما ضر مهجته
لا مرحبا بسرور عاد بالضرر



اللهم غض أبصارنا وحصن فروجنا

.
.

2009/04/17

وقفة (الأيام دول)..!


"وَلا تَهِنُوا وَلاتَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (139) إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (140)"
(سورة: آل عمران)




والله إن القلب لينفطر .. والعين لتدمع من هذه الكلمات ..

كيف تضعفوا وتهنوا من عدوكم وتحزنوا من قلة المال والعتاد وأنتم الأعلون ؟!

كيف تستذلوا وتخشوا عدوا هينا واهيا لا ولي له دم دون الله والله وليكم وأنتم الاعلون ؟!

إن خشيتم من الجراح والألام والقرح .. فقد مس اليهود ما مسكم وآتاهم الجراح كما يأتيكم .. وإنما هى أيام الدنيا .. نداولها بين الناس .. فـيوم لك ويوم عليك ..


ولكن ..

ولكن ..

ولكن ..


أيام الأخرة ليست كأيام الدنيا .. فأيام الآخرة للمؤمنين فقط .. أيام الشهداء .. أيام المجاهدين فى سبيل الله ..


(إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون وترجون من الله ما لا يرجون) "النساء:104"


إن أصابكم ألم فقد أصاب اليهود كما أصابكم .. ولكنكم ترجون من الله جنة الشهداء وهم لا يرجون شيئا ..

ترجون من الله إحدى الحسنيين .. وهم لا يرجون شيئا ..

اللهم ذقنا طعم الشهادة يارب العالمين ..

.
.

,وقفة (تبديل نعمة الله)..!




.


"له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وإذا أراد الله بقوم سوءا فلا مرد له وما لهم من دونه من وال" [الرعد : 11]



تلك سنة الله في خلقه ..


الله لا يبدل نعمة أنعمها على عباده ولا يغيرها إلا إذا هم بدلوا وغيروا وجحدوا ..


كثير من الناس يعتقد أن تفسير الآية الكريمة (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) هو أن الله لا ينعم على عباده إلا إذا أحسنوا من داخلهم ومن قرارة انفسهم وبدأوا بها أولا .. لكن هذا التفسير خاطئ ..


والمعنى للآية الكريمة : أن الله لا يغير نعمة أنعمها على قوم إلى نقمة وبلاء وعذاب .. إلا بعد أن يكفروا هذه النعمة ويجحدوا بها بالبطر بها وعدم شكرهم لها وفسادهم فى الأرض ..


(ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس)


ولنعلم اخوتي فى الله .. أن ما حل علينا من عذاب الله وغضبه مهذبطه إنما هو بأيدينا ولأننا حرفنا وبدلنا وغيرنا .. وصرنا نقبل الخبيث بالطيب .. والروث بالنظيف .. والضلالة بالهدى فما ربحت تجارتنا .. لكن عسانا نرجع ونكون من المهتدين ..


.


.

2009/01/10

وقفة (الأدب مع الله) ..!

.

.

"أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا (79) وَأَمَّا الْغُلامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا (80) فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا (81) وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا (82)"


*سورة الكهف*






سبحان الملك ..



انظروا إلى بديع وجمال هذه الأيات ومنتهى بلاغة كلام الله فى الوصف المعجز لنهاية قصة سيدنا موسي والخضر عليهما السلام ..



ولنفتش عن كنز قل أن يوجد فى عصرنا هذا ألا وهو (الأدب مع الله) .







*المرحلة الاولى (خرق السفينة وإعابتها) :


نسب الخضر العيب لنفسه تأدبا مع الله فقال (فأردت ان أعيبها) ولم يقل (فأراد ربك أن يعيبها) مع العلم ان كله بيد الله كان خير أو ضر ..






* المرحلة الثانية (إزهاق روح الغلام) :


فقد نسب الخضر هذا العمل لله ثم له فقال (فأردنا أن يبدلهما ربهما) حيث أن خروج الروح بيد الله وحده وما كان الخضر إلا سببا فى ذلك ..






*المرحلة الثالثة والاخيرة (إصلاح الجدار للغلامين) :


نسب الخضر هذا العمل كله لله لما فيه من خير لا يعلمه إلا الله فقال (فأردا ربك) .. ثم يقول فى النهاية (وما فعلته عن امري) إنما هو بعلم الله الذى علمنيه إياه ..






ليتنا نتعلم كيف يكون الأدب مع الله ..




ونختم بأجمل ما قيل فى الأدب مع الله


للإمام عبد الله بن المبارك :


"من تهاون بالأدب عوقب بحرمان السنن، ومن تهاون بالسنن عوقب بحرمان الفرائض، ومن تهاون بالفرائض عوقب بحرمان المعرفة"






الوقفة القادمة أيضا ستكون تعليقا عن الأدب مع الله ..

.

.

2009/01/09

من كلام ابن القيم (11) ..!


.

قال الإمام ابن القيم رحمه الله:


( فرح إبليس بنزول آدم من الجنَّة، وما علم أنَّ هبوط الغائص في اللجَّة خلف الدرِّ صعود.

كم بيَّن قوله لآدم: "إنِّي جاعلٌ في الأرض خليفة"، وقوله لك: "اذهب فمن تبعك منهم".

ما جرى علىآدم هو المُراد من وجوده "لو لم تُذنِبوا" )


أنتهى كلام ابن القيم رحمه الله ..






يستنبط الإمام ابن القيم رحمه الله استنباطا وفهما جديدا من الحادثة التى وقعت بين سيدنا آدم عليه السلام وإبليس عليه لعائن الله ..


حيث يوضح من خلال كلامه الماتع الذي يروى ظمأ كل من كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد .. أنه ليس كل سقوط لابد أن يعقبه نهاية ..

فلا تفرح يا إبليس بنزول آدم من الجنة .. فإن نزوله كنزول الغواص إلى قاع البحر حتى يستخرج الدر واللؤلؤ ..

فلا تحسبن أن هذا سقوط يعقبه انهيار .. بل هو نزول يعقبه علو وارتفاع ..

فشتان بين قول الله تعالى لآدم عليه السلام (إني جاعل فى الأرض خليفة) ومعلوم أن الملك يخلف على ملكه أفضل من عنده واختار الله لذلك آدم وذريته ..

أما قوله لك (قال اذهب فمن تبعك منهم فإن جهنم جزآؤكم جزاء موفورا) فدليل على بغضه عز وجل لك وغضبه ولعنته عليك .. وانحطاطك فى الدنيا والآخرة وانهزاميتك وذلتك وضيعتك ..

ثم يستأنف رحمه الله فى الكلام ويوضح سبب نزول آدم من الجنة وهو تحقيق آدم وذريته لخلافة الله عز وجل فى الأرض .. ولتطبيق قول رسول الله صلى الله عليه وسلم (والذي نفسي بيده لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقوم يذنبون فيستغفرون الله فيغفر لهم)





إخواني فى الله ..



كلنا له سقطات وذلات .. ولا يعنى ذلك أننا فى القاع .. ولا يعني سقوطك فى الذنب نهاية المطاف مهما كان الذنب .. إن شئت فأقرأ قول الله عز وجل "قل يا عبادى الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم"

فلابد أن يكون لديك فى الله رجاء ممزوج بالخشية .. وطمع ممزوج بالخوف ..



من كلام ابن القيم (10) ..!


قال الإمام ابن القيم رحمه الله:





(من اعجب الأشياء أن تعرفه ثم لا تحبه, وأن تسمع داعيه ثم تتأخر عن الاجابة, وأن تعرف قدر الربح في معاملته ثم تعمل غيره, وأن تعرف قدر غضبه ثم تتعرض له, وأن تذوق ألم الوحشة في معصيته ثم لا تطلب الأنس بطاعته وأن تذوق عصرة القلب عند الخوض في غير حديثه والحديث عنه ثم لا تشتاق إلى انشراح الصدر بذكره ومناجاته, وأن تذوق العذاب عند تعلق القلب بغيره ولا تهرب منه إلى نعيم الإقبال عليه والإنابه إليه,,,,



وأعجب من هذا علمك أنك لابد لك منه وأنك أحوج شيء إليه وأنت عنه معرض وفيما يبعدك عنه راغب ..)





أنتهى كلام ابن القيم رحمه الله ..












سبحان الله



قتل الإنسان ما أكفره



.

.

.

من كلام ابن القيم (9) ..!


قال الإمام ابن القيم رحمه الله:


(التوحيد ألطف شئ وأنزهه وأنظفه وأصفاه, فأدنى شئ يخدشه ويدنسه ويؤثر فيه, فهو كأبيض ثوب يكون يوئر فيه أدنى أثر, وكالمرآة الصافية جدا أدنى شئ يؤثر فيها, ولهذا تشوشه اللحظة واللفظة والشهوة الخفية, فإن بادر صاحبه وقلع ذلك الأثر بضده وإلا استحكم وصار طبعا يتعسر عليه قلعه.)


أنتهى كلام ابن القيم رحمه الله ..



الكلام عن التوحيد طويل جدا وفى غاية الأهمية ..

ويلزمني فيه الصمت

من كلام ابن القيم (8) ..!

قال بن القيم رحمه الله :



(طوبى لمن أنصف ربه فأقر له بالجهل فى علمه والآفات فى عمله والعيوب فى نفسه والتفريط فى حقه والظلم فى معاملته فإن آخذه بذنوبه رأى عدله وان لم يؤاخذه بها رأي فضله .

وإن عمل حسنة رآها من منته وصدقته عليه فإن قبلها فمنة وصدقة ثانية وإن ردها فلكون مثلها لا يصلح أن يواجه به

وإن عمل سيئة رآها من تخليه عنه وخذلانه له وإمساك عصمته عنه وذلك من عدله فيه فيرى فى ذلك فقره إلى ربه وظلمه فى نفسه فإن غفرها له فبمحض إحسانه وجوده وكرمه .

ونكتة المسألة وسرها أنه لا يري ربه إلامحسنا ولا يرى نفسه إلا مسيئا أو مفرطا أو مقصرا فيرى كل ما يسره من فضل ربه عليه وإحسانه إليه وكل ما يسوءه من ذنوبه وعدل الله فيه)

انتهى كلام بن القيم رحمهالله



كلام واضح لا يحتاج لتفسير ..



خير لك أن تعترف لله بذنبك وتقصيرك وجهلك .. ولا تشتكى إن منع عنك النعمة وانت جاحد



ولكن اشكو ضعف إرادتك وران قلبك وظلمك نفسك ..



واعلم جيدا أن كل ذنب تذنبه من قبيل إعراض الله عنك .. بل إن الله كلما أعرض عنك وفقك لما يغضبه ويسر عليك ذل المعصية .. فأنت تلهو وتلعب وتلهث خلف نذواتك كما يلهث الكلب وراء الجيفة ..



وإن وفقك لم فيه خير فاعلم أن الله يريد بك خيرا .. وكلما قربك له كلما كان رضاه عنك أعظم ..



وإن فعلت حسنة ولم تقبل فلا تيأس ولا تسخط فهذا عدل الله فيك .. وإن قبلها فهو من إحسان الله عليك لا منة على الله منك .. (يمنون عليك ان أسلموا قل لا تمنوا علىَّ إسلامك بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان)

من كلام ابن القيم (7) ..!



قال بن القيم رحمه الله :



(ارجع إلى الله واطلبه من عينك وسمعك وقلبك ولسانك ولا تشرد عنه من هذه الأربعة فما رجع من رجع إليه بتوفيقه إلا منها , وما شرد من شرد عنه بخذلانه إلا منها, فالموفق يسمع ويبصر ويتكلم ويبطش –بمولاه- والمخذول يصدر ذلك عنه بنفسه وهواه)


انتهى كلام بن القيم رحمه الله



رحم الله الامام بن القيم واسكنه الفردوس الأعلى مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أؤلئك رفيقا ..



يذكرنى هذا الكلام بالحديث القدسي



عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إن الله قال : ( من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب ، وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه ، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه ، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به ، وبصره الذي يبصر به ، ويده التي يبطش بها ، ورجله التي يمشي بها ، وإن سألني لأعطينه ، ولئن استعاذني لأعيذنه ) .

تخريج الحديث: هذا الحديث انفرد بإخراجه البخاري دون بقية أصحاب الكتب الستة .



إذا وفقك الله للرجوع إليه بعينك وسمعك وقلبك ولسانك .. فما اجمل منها نعمة ..!! صرت ترى الكون أجمل واطيب وأزهى واعجب .. فلا ترى الا ما أحل الله لك ولا ترى ما يغضب الله وما حرمه عليك .. وصرت ترى كل ما يغضب الله وكأنه أقبح ما فى الوجود ..

ولا تسمع بأذنك إلا ما يرضي ربك من تلاوة القرءان أو الحديث الطيب فى مجالس العلماء أو الآذان .. ولا تسمع الى الغناء وصوت الشيطان ولهو الحديث من غيبة ونميمة وسب ولعن وشتم ..



واذا تكلمت لا تقول إلا شكرا واذا تحرك لسانك لا ينطق إلا ذكرا .. وإذا مشيت على رجلك كان ممشاك فى طاعة الله وفى قضاء حوائج الناس للخير او إلى الصلاة او فعل الخيرات .. وإذا بطشت بيدك لم تبطش إلا فى الحق ولا تصيب الا فى الحق .. فما تضرب زورا ولا عدوانا ولا إثما ولا بهتانا .. وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى ..



وكذلك يصير جسدك كله لله وفى الله .. فما تفعل شئ الا باللجوء إلى الله .. وهكذا قد وُفِـقـتَ من قِـبَـــل مولاك عز وجل ..



أما من شرد عن هؤلاء الاربعة (السمع والبصر والقلب واللسان) فهو فى الهواية وما أدراك ما هيه .. نار حامية فى الدنيا والاخرة ..



فيعيش تعيسا بغيضا بين الناس .. تنفر منه الخلائق .. يرتع فى ملاذ الدنيا كما يرتع البعير فى الحظير .. بل وسلط الله عليه كل الناس يكرهونه وينفرون منه .. وضيق عليه الحال فصارت ضنكا رغم غناه بالمال .. وضيع صحته رغم مقدرته على جلب الدواء .. وأرهق باله وعقله .. وأمات ضميره وقلبه .. وضيق عليه الارض بما رحبت .. فصار وحيدا وسط أهله .. غريبا وسط أقرانه .. ميتا وان كان حيا .. هزيلا وان كان قويا .. ذليلا وان كان عزيزا .. (أم تحسبهم انهم يسمعون أو يعقلون إنهم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا)



لانه سعى خلف ملاذاته وشهواته فوكله الله لنفسه وهواه ...





.

.

.

.

.



ربنا لا تكلنا الى أنفسنا طرفة عين ولا اقل من ذلك ..

2009/01/01

من كلام ابن القيم (6) ..!

قال بن القيم رحمه الله :



(جمع النبي صلى الله عليه وسلم بين تقوى الله وحسن الخلق, لأن تقوى الله تصلح ما بين العبد وبين ربه, وحسن الخلق تصلح مابينه وبين خلقه, فتقوى الله توجب له محبة الله, وحسن الخلق تدعو الناس إلى محبته)


انتهى كلام بن القيم رحمه الله



بعث النبي صلى الله عليه وسلم ليتمم مكارم الأخلاق .. فكان قرءانا يمشي على الأرض كما وصفته عائشة رضى الله عنها ..

الكلام عن حسن الخلق لا يحويه كتب او مجلدات .. فهو اعظم من ان يكتب فى سطور ..

فقد كان النبى سخى لين رقيق بسيط رحيم رؤف ..

وأطيب خلق هو الإيثار وقد ضربت الانصار أروع الأمثال فى إيثار إخوانهم على انفسهم وإن كان بهم خصاصة .. هؤلاء الذين رباهم النبي صلى الله عليه وسلم

وكان اتقى الناس لربه .. فهو النبى الطاهر التقى الطيب النقى ..

وقد قال أنس بن مالك رضي الله عنه: إن العبد ليبلغ بحسن خلقه أعلى درجة في الجنة وهو غير عابد, ويبلغ بسوء خلقه أسفل درك في جهنم وهو عابد.

أنظر حولك .. وسترى ان الكل يريد أن يتحبب ويتودد لمن حسن خلقه .. وإن أشر الناس يوم القيامة من يسوء خلقه ..



ترى الناس تتجنبه وتخافه .. إنه أشر خلق الله .. فلا تكن منهم ..



وكما قال رسولنا الكريم (اتق الله حيثما كنت وأتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن)



فقد كان نبينا الكريم حريص جدا على تقوى الله وحسن الخلق .. وكثير يتجادل أيهما أفضل



تقوى الله أم حسن الخلق ..



ولا أظن أنهما إلا كيان واحد .. فكيف يكون العبد تيقى وهو سئ الخلق ..



فالتقى لا يكون إلا حسن الخلق ..



وكيف يكون معاملته مع الله طيبة .. ويبغضه الناس بسبب شره وسوء خلقه



لابد وان يكون هناك خلل فى قلبه ..



فلنحرص جميعا على تقوى الله وحسن الخلق ..



حتى نحشر مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أؤلئك رفيقا ..

من كلام ابن القيم (5) ..!

.


قال بن القيم رحمه الله
:


(ارجع إلى الله واطلبه من عينك وسمعك وقلبك ولسانك ولا تشرد عنه من هذه الأربعة فما رجع من رجع إليه بتوفيقه إلا منها , وما شرد من شرد عنه بخذلانه إلا منها, فالموفق يسمع ويبصر ويتكلم ويبطش –بمولاه- والمخذول يصدر ذلك عنه بنفسه وهواه)

انتهى كلام بن القيم رحمه الله



رحم الله الامام بن القيم واسكنه الفردوس الأعلى مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أؤلئك رفيقا ..



يذكرنى هذا الكلام بالحديث القدسي



عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إن الله قال : ( من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب ، وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه ، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه ، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به ، وبصره الذي يبصر به ، ويده التي يبطش بها ، ورجله التي يمشي بها ، وإن سألني لأعطينه ، ولئن استعاذني لأعيذنه ) .

تخريج الحديث: هذا الحديث انفرد بإخراجه البخاري دون بقية أصحاب الكتب الستة .



إذا وفقك الله للرجوع إليه بعينك وسمعك وقلبك ولسانك .. فما اجمل منها نعمة ..!! صرت ترى الكون أجمل واطيب وأزهى واعجب .. فلا ترى الا ما أحل الله لك ولا ترى ما يغضب الله وما حرمه عليك .. وصرت ترى كل ما يغضب الله وكأنه أقبح ما فى الوجود ..

ولا تسمع بأذنك إلا ما يرضي ربك من تلاوة القرءان أو الحديث الطيب فى مجالس العلماء أو الآذان .. ولا تسمع الى الغناء وصوت الشيطان ولهو الحديث من غيبة ونميمة وسب ولعن وشتم ..



واذا تكلمت لا تقول إلا شكرا واذا تحرك لسانك لا ينطق إلا ذكرا .. وإذا مشيت على رجلك كان ممشاك فى طاعة الله وفى قضاء حوائج الناس للخير او إلى الصلاة او فعل الخيرات .. وإذا بطشت بيدك لم تبطش إلا فى الحق ولا تصيب الا فى الحق .. فما تضرب زورا ولا عدوانا ولا إثما ولا بهتانا .. وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى ..



وكذلك يصير جسدك كله لله وفى الله .. فما تفعل شئ الا باللجوء إلى الله .. وهكذا قد وُفِـقـتَ من قِـبَـــل مولاك عز وجل ..



أما من شرد عن هؤلاء الاربعة (السمع والبصر والقلب واللسان) فهو فى الهواية وما أدراك ما هيه .. نار حامية فى الدنيا والاخرة ..



فيعيش تعيسا بغيضا بين الناس .. تنفر منه الخلائق .. يرتع فى ملاذ الدنيا كما يرتع البعير فى الحظير .. بل وسلط الله عليه كل الناس يكرهونه وينفرون منه .. وضيق عليه الحال فصارت ضنكا رغم غناه بالمال .. وضيع صحته رغم مقدرته على جلب الدواء .. وأرهق باله وعقله .. وأمات ضميره وقلبه .. وضيق عليه الارض بما رحبت .. فصار وحيدا وسط أهله .. غريبا وسط أقرانه .. ميتا وان كان حيا .. هزيلا وان كان قويا .. ذليلا وان كان عزيزا .. (أم تحسبهم انهم يسمعون أو يعقلون إنهم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا)



لانه سعى خلف ملاذاته وشهواته فوكله الله لنفسه وهواه ...





.

.

.

.

.



ربنا لا تكلنا الى أنفسنا طرفة عين ولا اقل من ذلك ..


.
.