2008/09/08

من كلام ابن القيم (4) ..!

قال بن القيم رحمه الله :

(دافع الخطرة, فإن لم تفعل صارت فكرة فدافع الفكرة, فإن لم تفعل صارت شهوة فحاربها, فإن لم تفعل صارت عزيمة وهمة, فإن لم تدافعها صارت فعلاً, فإن لم تتداركه بضده صار عادة فيصعب عليك الانتقال عنها)

انتهى كلام بن القيم رحمه الله


يتجلى بن القيم بأسلوبه فى عرض الامر بالكامل بيسر وسهولة وأداء رائع ..
يحكى بن القيم بداية الذنب من منبته إلى ان يكبر ويتفرع كفروع الشجرة ..

آمراً بقوله (دافع الخطرة) .. بمعنى : حارب ما يخطر ببالك أو ما تحدثك به نفسك فى معصية الله .. فالخطرة هو كل ما يخطر بالبال ..

فإنك إن لم تحارب وسوسة نفسك لك وما يخطر ببالك من سوء سيصير هذا لفكرة لا مجرد تحديث نفس .. فإن لم تحاول صد هذه الفكرة سوف تكبر يوم من الأيام وتصير شهوة ..
وهنا بدات المشكلة الكبرى ..
مادامت بدأت الشهوة ستضغط عليك مع كل نبضة من نبضات قلبك كالضرس المُوجع المؤلم .. فإن لم تحاول صدها او محاربتها فسوف تصبح عزيمة قوية فى الشر .. حيث تعلو همتك لفعل هذه المعصية ..
فإن لم تحاول محاربتها وعجزت عن صدها .. صارت فعلا ..

وهكذا قد فعلتها .. وحسبت عليك ..

لكنك إن لم تبادر بصد هذا الفعل بالإنابة لله والرجوع إليه والاستغفار والندم على فعلتك .. صارت هذه عادة .. وما أصعب الإقلاع عن العادات ..
فمن يسرق مرة يسرق مرتين وثلاثة وتصير داءً وتكون عادة لا غنى عنها ..
ومن ينظر إلى فتاة لا تحل له سيتمتع بالنظر .. وتصير عادة ..
ومن يقتل نفسا .. يقتل ألفا (من اجل ذلك كتبنا على بنى إسرائيل أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد فى الأرض فكأنما قتل الناس جميعا)


فتب إلى الله وضع هذه المراحل الخمسة (الخطرة- الفكرة- الشهوة- الهمة- الفعل) نصب عينيك .. وجاهد المعصية من منبتها من حيث حدثتك بها نفسك او خطرت ببالك ..

.
.
.
.
.




اللهم لا تكلنا إلى انفسنا طرفة عين .. ولا أقل من ذلك ..
.
.
.
.
.










من كلام ابن القيم (3) ..!


قال بن القيم رحمه الله:
(ليس العجب من مملوك يتذلل لله ويتعبد له ولا يمل من خدمته مع حاجته وفقره إليه , إنما العجب من مالك يتحبب إلى مملوك بصنوف إنعامه ويتودد إليه بأنواع إحسانه مع غناه عنه .. كفى بك عــــزاً أنك له عبدا .. وكفى بك فخـــراً أنه لك رب )
انتهى كلام بن القيم رحمه الله.


لا تتعجب من بنى آدم يتذلل فى عبادته وصلاته لله .. ولا تتعجب إذا رأيت إنسانا يبكى ثم يبكى خوفا من الله ورجاءا فى جنته .. ولا تتعجب إذا رأيت إنسانا يحثو على وجهه التراب بسبب إرتكابه الفجور والمعاصي .. ولا تتعجب من أنسان يرتاد المساجد ذهابا وإيابا ولا يمل من الصلاة أو الطاعة ..

ذلك لأن كونه إنسانا عبدا مملوك لا يقدر على شئ ولا يقدر أن يجلب ضررا أو نفعا لله .. بل هو فى أشد الحاجة لله .. يحتاج لرحمته ويجتنب غضبه .. فأنت إذا كان هذا حالك دائما محتاج لله .. فلا تغتر بطاعتك .. لأنك إن فعلت هذا .. فأنت تفعله لنفسك لا كرما منك على خالقك ..


ولكن أنظر الى الجانب الاخر .. وسترى كل العجب ..

رب غنى عنك وعن العالمين .. ورغم ذلك أخضع الكون كله لخدمتك .. وسخر الطير والبحر والنهر لراحتك .. وسخر الليل والنهار لك .. وأسجد ملائكته لأبيك ..

وكل هذا فالله غنى عنك .. ولا يحتاج منك شئ .. وكيف يحتاج منك وهو خالقك ومصورك ..

واقرأ قوله تعالى "وآتاكم من كل ما سألتموه"

كرر هذه الآية وستعلم أنك مغمور فى بحر من نعم الله .. لا تعد ولا تحصى .. لا تحاول ان تعدها .. لأنك إن أردت هذا سيفنى عمرك ولن تحصها ..

العجيب أنك تعصيه وهو يتقرب إليك ويتحبب لك بكل نعمه لتعود إليه .. فإن رجعت إليه رضي عنك وأرضاك ..

العجيب أنك تجعل الله اخر من فى الحسبان .. تفعل المعصية ولا تحب ان يراك عليها احد من البشر .. ولا تفكر انه يراك خالق كل البشر ..

والله يجعلك أو من فى الحسبان .. استخلفك فى الارض على سائر مخلوقاته .. وأسجد لك ملائكته الذين لا يعصونه أبدا .. ومهد لك الارض لتمشي عليها ورفع فوقك السماء لتظلك .. وسخر لك الرياح لتمشي الفلك فى البحر .. وسخر لك البحر وما فى جوفه .. والجبال وما فى وعره .. وهيئ الكون كله لك .

فاحذر يا أخى ان تكون على معصية فى موسم الطاعات .. فهذا شهر رمضان المعظم ..

جدد النية وأبدأ تجارتك مع الله .. وتأكد انك الرابح ..


.. كفى بك عــــزاً أنك له عبدا ..

.. وكفى بك فخـــراً أنه لك رب ..

.
.
.
.

من كلام ابن القيم (2) ..!


قال بن القيم رحمه الله:

إياك والمعاصي فإنها أذلت عز (اسجدوا) واخرجت إقطاع (اسكن) ..

يالها لحظة أثمرت حرارة القلق ألف سنة ما زال يكتب بدم الندم سطور الحزن فى القصص ويرسلها مع أنفاس الأسف حتى جاءه توقيع (فتاب عليه) ..


إنتهى كلام بن القيم



لا تتعجل .. سنوضح المراد من قول بن القيم رحمه الله ..

انك لو عصيت ربك فأنت على خطر عظيم .. فهو قادر على أن يأخذك وانت على معصية ..

وكما فعل سيدنا آدم وكانت خطأ .. بعدما أسجد الله له ملائكته وقد قال الله تعالى (وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم) فهذا كان موضوع عزة لأدم وبنيه ..

لكن المعصية أذلت هذا الموضع – عز (اسجدوا) – بل وأ خرجت آدم عليه السلام من الاقطاع الافضل وهو الجنة حين قال ربنا سبحانه تعالى (وإذ قلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة)

فحين عصى ربه وأكل من الشجرة .. أخرجت تلك المعصية آدم من اقطاع الجنة وأذلت موضع العزة بعد أن أسجد الله له ملائكته ..

فظل آدم قلقا ألف سنة .. تارة مابين الندم على ما فعل وتارة قلق على معصيته لربه .. يقوم آناء الليل وأطراف النهار .. يبتغى وجه ربه ليغفر له ..

حتى تلقى آدم من ربه كلمات .. فتاب الله عليه .. وقد قال الله تعالى (فتلقى آدم من ربه بكلمات فتاب عليه)

فلم يهدأ لآدم بال لمدة ألف سنة حتى جاءه توقيع
(فتاب عليه)

صلى الله علي سيدنا آدم وسلم .. عصى الله بنسيان ودون قصد .. فظل ألف سنة تائه حيران قلق من وجع المعصية .. وخشية ألا يغفر الله له .. وقلبه مرتجف ألا يتوب الله عليه .. فاستغفر ربه وأناب إليه وظل على هذا ألف سنة .. إلى أن تاب الله عليه ..

فأنت يا مسكين .. كم عصيت ربك ولم ترجع ..؟؟

أما آن لك أن يرتجف قلبك .. ويوجعك صدرك .. وتضيق نفسك لما فعلت ..

نحن مفرطون ..

نستغفر الله العظيم ..

.
.
.



من كلام ابن القيم (1) ..!

قال بن القيم رحمه الله:

(سبق العلم بنبوة موسى وإيمان آسية فسيق تابوته إلى بيتها فجاء طفل منفرد عن أم إلى امرأة خالية عن ولد! فلله كم فى هذه القصة من عبرة: كم ذبح فرعون فى طلب موسى من ولد ولسان القدر يقول لا نربيه إلا فى حجرك)

انتهى كلام بن القيم رحمه الله


يا الله .. سبحان الله !!

معلوم ان سيدنا موسي تربى فى بيت ألد أعداء الله وألد اعداءه وهو فرعون .. وآمنت آسية زوجة فرعون أضل المضلين فى بقاع الأرض ..

ومن أفجر من فرعون .. ؟؟

فرعون الذى تكبر وأسكتبر وفجر فجورا تبرئ منه إبليس ..

فما من احد على وجه الأرض ادعى انه إله إلا هذا الملعون (فرعون) ..

وفى بعض الإسرائيليات .. يقال انه حينما قال (فرعون) : أنا ربكم الأعلى .. صرخ إبليس صرخة ونادى قائلا : ما وسوسته بهذا وانا برئ مما ادعى فرعون ..

إبليس الملعون يتبرئ من فجور فرعون ..

وأوحى الله إلى أم موسى (فإذا خفت عليه فألقيه فى اليم)

يا سبحان الله .. كيف تخاف الأم على ولدها من الذبح ثم تأمرها برمي ولدها فى البحر حتى يكون فى مكان آمن ..

إنها أم .. ليست كأى أم .. أنها المؤمنة بربها المستسلمة لأوامره والمنقادة لوحيه ..

علمت أم موسى أن الله قادر على كل شئ وقادر على أن يحفظ رضيعها حتى ولو كان فى وسط النهر ..

قال تعالى (فألقيه فى اليم ولا تخافى ولا تحزنى إنا رادوه إليك وجاعلوه من المرسلين)

وعد الله .. إن الله لا يخلف الميعاد ..

وعدها بأن موسى سيرد إليها بل ويكون رسول رب العالمين ..

كم ذبح فرعون من أبناء بنى إسرائيل طلبا فى قتل الطفل موسى حتى لا يقضى على ملكه ..

فيأبى القدر إلا أن يربيه فرعون فى حجره ..

سبحان الله .. !!

إنه امر الله .. فإذا قدر الله شيئا لابد أن ينفذ ..

إن الله إذا أردا شيئا سلب العقول من ذوى العقول ..

يفعل ما يشاء .. ولا ممسك لفعله ..

إن أراد شيئا قال له كن فيكون ..

إنه الله لا إله إلا هو العزيز الحكيم .. فعال لما يريد ..

.
.
.